lundi 21 février 2011

خزائن بن علي لا تضاهيها خزائن كسرى

يقول التاريخ «أن المسلمين لدى فتحهم بلاد فارس وجدوا خزائن كسرى ملك الفرس مليئة بالأموال والنفائس ولكن هذه الكنوز لم تُغرِ أيًّا منهم بالاستيلاء عليها لنفسه، ولم تراود أحدًا منهم نفسه على أخذ شيء منها» ..
 وعندما فتحت لجنة تقصي الفساد والرشوة خزائن بن علي لم تغر أعضاءها بقدر ما صدمتهم تلك الخزائن ومحتوياتها وصدمت التونسيين.
   لقد اكتشفنا أن ما تم تقتيره من معطيات من قبل اللجنة نفسها وما نشرته الصحف عن كل مظاهر الفساد لم يكن إلا نزرا قليلا من «المشهد» الذي صاغه المفسدون في تونس لعدة أسباب لعل أهمها أن الأمر يتعلق بالمخلوع شخصيا وليس بزوجته وأصهاره.
   فكم صغر الفراعنة في ذاكرتي ... وتداعت صورة ثراء كسرى ليضحى فقيرا بل معدما مقارنة مع بن علي لأن خزائنه لم تحو ذلك الكم والنوع من المصوغ والمليارات من العملة الصعبة .. وكم كان علي بابا ساذجا عندما ادعى أنه اكتشف أمرا عظيما بضبطه الأربعين حراميا .. ما تم اكتشافه في قصر بن علي هو أقرب إلى خزائن المافيا ولم يضاهه في جمع المال لا هتلر ولا قيادات الحزب الشيوعي السوفياتي بستالين وبريجنيف ولا رموز أعتى ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية وغيرهم ممن التصقت بهم تهم الفساد والتسلط والجبروت.
لقد كشفت خزائن بن علي جوانب خفية في شخصية المخلوع  أخشى ألا أوفق في تحليلها نفسيا وأترك الأمر لعلماء النفس ولكن لا مفر من القول أنه كان يقضي وقتا كبيرا في تحويلات الأموال من البنك المركزي إلى قصره في سيدي بوسعيد ثم في توزيعها على أذنابه من الداخل والخارج وذلك بدل التفرغ لتنفيذ برامجه الانتخابية ولا أقول تنمية المناطق الداخلية التي خضعت إلى تطهير منظم  لكل مقومات التنمية.
   يحار المرء عندما يشاهد كما هائلا من الأموال في سيدي بوسعيد ليتساءل عن حجم الأموال «المحالة على التقاعد المبكر» في بنوك سويسرا وفرنسا وكندا ودبي وغيرها من البلدان عوض توظيفها فيما ينفع التونسي والبلاد عموما ولكن في مقابل هذه الحيرة تبقى هناك حقيقة واحدة وهي أن من كان يحكم تونس لم يكن تحت وطأة هيمنة زوجته أو أصهاره بل إنه قائد أوركسترا بارع في السرقة والنهب وفي التعدي على كرامة التونسيين... فما كشف عنه من خزائن اهانة كبيرة لكرامتنا كشعب كادح يعرق ويتعب ويناضل أبناؤه من أجل كسب لقمة العيش بما يرضي الله وبما يتماشى مع القانون الذي طالما أكد المخلوع علويته .
   من كان يتصور أن يكون حاكم تونس أكثر طمعا من الأمراء والبايات الذين تعاقبوا على حكم البلاد ؟ من كان يتصور أن «يتعامل» رئيس دولة «مباشرة» مع الأموال بعيدا عن واسطة الصك البنكي أو حتى الحوالة البريدية؟
   .. خزائن كسرى لم تكن تثير فضول الفرس ولكن خزائن بن علي ستكون بداية للكشف عن خزائن أخرى - حتى مجازا- لتنجلي هالة الزيف عن شخص لم يكن سوى لص فاشل لأنه لم يوفق في البحث عن مغارة يخفي فيها مسروقه وعندما حانت ساعة الرحيل لم ينجح في طمس معالم جريمته الكبرى.. فقد باغته الشعب وخلعه إلى الأبد..إلى الأبد.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...